كلمة مدرس العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية الدكتور علي أغوان: (تأثير تقرير بلاسخارت على النظام السياسي العراقي وأداء حكومة السوداني)
شكراً لمركز نون على اتاحة الفرصة حول الحديث بموضوع مهم جداً حول احاطة رئيسة بعثه الامم المتحدة في العراق الأخيرة في الشهر تشرين الأول الفائت هذه الإحاطة حقيقة فيها الكثير من المؤشرات لدينا تتحدث عن ان هناك تناقضات كثيرة تعيشها الامم المتحدة في العراق وهذه التناقضات، مبعوثة الامم المتحدة نفسها تتهم فصائل مسلحة وتتهم القوى السياسية بالفشل وجر النظام السياسي الى هذه الحالة، وفي نفس الوقت هي تجلس مع هذه الفصائل ومع هذه القوى السياسية للحديث والحوار معها.
ومبعوثه الامم المتحدة في احدى الجلسات الحوارية قبل أسبوعين تقريباً سئلت حول هذا الموضوع بالتحديد! وأجابت ان دورها الحوار وبانها تستمر في هذه الحالة حتى نهاية دورها في العراق، ولكن انا اعتقد ان الطرفين الذي تجلس معهم جنين بلاسخارت كان في لحظة من اللحظات تتهم الامم المتحدة بانها تدير المتظاهرين وتدير بعض الجهات الحكومية او غير الحكومية والمسماة بالجوكرية وما الى هذه التفاصيل.
التوصيف المباشر للتقرير اعتقد يمكن ان يكون بعنوانين العنوان الاول هو فشل بعثه الامم المتحدة في العراق للوصول الى نتيجة حقيقية وفشل القوى السياسية للتوصل الى اتفاق تسوية. من هذا ارادت جنين بلاسخارت ان تخلي مسؤوليتها امام الامم المتحدة في هذا التقرير من خلال الاحاطة، على اعتبار ان هي رمت الكرة في ملعب القوى وهي مجلس الامن (فرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا) بالإضافة الى الدول العشرة الاخرى الموجودين داخل مجلس الامن متخذين القرار.
المحصلة التي اردت التحدث حولها هي ان انعكاسات هذا التقرير فعلاً سرع تشكيل الحكومة الى حد ما، على اعتبار بأن الأسبوعين الاولين لمحاوله تشكيل الحكومة الذي قادها رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني شهد اكثر من اربع لقاءات مع سفير الولايات المتحدة و ممثليات الاتحاد الاوربي وسفراء القوى الكبرى الموجودة داخل العراق وبعد تشكيل الحكومة باركت الامم المتحدة وباركت بعثه الاتحاد الاوربي لحكومة السوداني محمد شياع السوداني، اعتقد بأن هناك مجموعة من الانعكاسات التي ممكن ايضاً ان نضيئ حولها هذا الموضوع الانعكاس الاول تقرير تحدث بشكل مباشر وجود اعتداءات تحدث على الاراضي العراقية من الجانب الإيراني والجانب التركي، وهذا الاعتداءات بشكل مباشر اشارت فيها مبعوث الامم المتحدة على اعتبار ان العراق والقوى السياسية ان يسارعوا في تشكيل الحكومة من اجل محاولة مساعدة العراق في إيقاف هذا الاعتداء، وكأن جنين بلاسخارت ارادت القول بأن إذا لم تكن الحكومة العراقية مُشكلة خلال فترة قصيرة فإن هذه الاعتداءات ستتراكم بشكل اسوء وبشكل مفصل من الجانب الإيراني والجانب التركي على بعض المناطق بحجة الحفاظ على الامن القومي التركي والايراني من مجاميع تصنف لديها على انها إرهابية.
وعلى سيره الإرهاب، فإن هذا الموضوع حقيقة يحتاج استفاضة كبيرة ومفهوم الارهاب واضح حتى في الاجندة السياسية فيه وجهات نظر وكل جهة تنظر الى هذا التعريف من زاوية معينة، ولكن جنين بلاسخارت والامم المتحدة وبعثة الإتحاد الاوروبي والقوى الكبرى واضعة جزء مهم ممن يقود العملية السياسية على لائحة الفساد وعلى لائحة الارهاب بل جزء ممن شكل الحكومة العراقية هو موجود على لائحة الارهاب الدولية وفي لائحة الخزانة الامريكية هذا التناقض على ماذا ينتج ؟ على ان هناك حاله من حالات الفوضى في ادارة القضية التي تشتغل عليها الأمم المتحدة في العراق. بالعموم هذه الاحاطة وصفت المساومات التي تحدث بين القوى السياسية والصدمات التي تحدث فكرة ان يكون الفائز في الانتخابات الذي يشكل الحكومة والخاسر هو من يشكل الحكومة، هذا موضوع اخر لموضوع التناقضات التي تعيشها الأمم المتحدة الذي اريد ان اقوله بالتحديد ان الأمم المتحدة حتى وان كانت بعض قراراتها غير ملزمة من خلال مجلس الامن لكن تبقى منظمة غير قادرة تطبيق قراراتها الا باتجاه القوى الضعيفة، باتجاه الدول الذي تم تطبيق القرارات فيها ويخدم المصلحة الكبرى وهذا الذي تعلمناه من الدكتور طارق القصار والاساتذة الذي كانوا يحاورون على اعتبار ان المنظمة هي منظمة الدول المنتصرة هي منظمة القوى التي تحكم العالم.
حقيقةً هناك انعكاسات ثانية يمكن ان اتحدث عنها هي بالأساس سياسية ولكن فيها جذور اقتصادية وتحولات تحدث في الدولة وهي ايضاً مدعومة بالمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرعاية الامم المتحدة بما تعرف بسياسات التكييف والتثبيت، التي تتعلق بانتقال النظام الاقتصادي من موقعه الحالي الى النظام الرأسمالي. الكثير من الدول ليس لديها علاقات مباشرة مع العراق او حتى لديها علاقات مباشرة سياسية مع العراق تنظر الى هذه الاحاطات، تنظر الى موقف مجلس الأمن، تنظر الى موقف الامم المتحدة من هذه الدولة، وبالتالي تبني سياساتها على هذا الاساس بمعنى ليس الكل…يتابع سياسة العراق الخارجية وليس الكل يتابع ما يحدث داخل الدولة العراقية. مثلا هناك دولة تريد استثمار في القطاعات النفط جزء من قرارها يبنى على هذه الاحاطة جزء من سياساتها الخارجية تبنى على اساس ما هي طبيعة موقف مجلس الامن من هذه الجولة، واكيد هناك جلسات اخرى لهذه الدول التي تريد ان تدخل بعمق الملفات الاقتصادية وبالنتيجة هناك تأثيرات ايضاً اقتصادية ممكن ان نجر اليها الدولة العراقية بسبب هذه الاحاطة.