كلمة أستاذ القانون الدولي الدكتور عماد خليل المختار حول ورقته البحثية:(العلاقة بين العراق والأمم المتحدة بعد عام 2003)

1980 – 2022

‏موضوع علاقة العراق مع الأمم المتحدة لا يُمكن  إختصاره وإختزاله بدءاً  من عام 2003، بمعنى حالة الغزو التي حدثت في عام 2003 ، إذ إن حالة عدم الإستقرار وتردّي حالة (السلام) إبتدأت من عام 1980 ، أي مع بداية الحرب العراقية – الإيرانية وإستمرت الى حد الآن.

لذا ، فإن أساس موضوعنا : (علاقة العراق بالأمم المتحدة) سينقسم الى ثلاثة محاور رئيسة :

المحور الأول : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 1980 -1988

المحور الثاني : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 1990 – 2003

المحور الثالث : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 2003 – 2022

‏إن أولى مقاصد الأمم المتحدة هي حفظ السلم والأمن الدوليين إستناداً الى المادة الأولى من الميثاق، ولا شكّ إن العراق واجه أزمات وحروب متعددة بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي ( الحرب العراقية – الإيرانية)، ثم حالة العراق والكويت (وفقاً للقانون الدولي : غزو العراق للكويت وإحتلاله) بين عامي 1990-2003، ومن ثم غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وبريطانيا عام 2003، بمساعدة ومشاركة ما يقارب (30) دولة.

المحور الأول : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 1980 -1988

علاقة العراق والأمم المتحدة في موضوع إحلال السلام وبناء السلام وإنهاء الحرب في الثمانينات نتيجة الحرب العراقية – الإيرانية ، وتتلخّص علاقة العراق بالأمم المتحدة من خلال (17) قرار من مجلس الأمن الدولي، أبرزها كان قرار (598) في العام (1987) إستناداً الى الفصل السابع من الميثاق، بمعنى وجوب تنفيذ هذا القرار وفي حالة عدم تنفيذه هناك إجراءات ردع عسكرية وغير عسكرية أي إقتصادية وغيرها. القرار استمر على حاله دون تنفيذ لمدة سنة كاملة ولم يُطبّق بسبب رفض الجانب الإيراني لهذا القرار، ولكن في عام (1988) كانت نهاية الحرب تتجه لصالح العراق جزئياً فتمّ تنفيذ القرار عندما وافقت إيران على تنفيذه. ومن ضمن مضامين القرار هو إجراء مفاوضات وترسيم الحدود وتهدئة الأوضاع على الحدود البرية والبحرية وإعادة الاستقرار، وإعادة الجيوش إلى وضع ما قبل الحرب ، فضلاً عن المسؤولية الدولية.

‏ إذن، الأمم المتحدة لم تقم بعملها لحفظ السلم والأمن الدوليين ابتداءً من إندلاع الحرب بين العراق وإيران وصدور القرارات الـ (17) ، ومن ثم صدور القرار (598/1987) الذي إستمر سنة كاملة دون تنفيذ ، لم تستطع الأمم المتحدة أو كانت عاجزة أو لم تكن راغبة , أو إن بعض أعضاء مجلس الأمن الدائمين لم تكن لديهم الرغبة القوية في تنفيذ القرار وإحلال السلام بين البلدين على الرغم من إن القرار قد صدر طبقاً للفصل السابع ، فكان يجب تنفيذ القرار وأن تكون هناك فترة زمنية للتنفيذ، وهناك إجراءات للدول التي تمتنع عن التنفيذ

المحور الثاني : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 1990 – 2003

فيما يتعلق بالحالة التي تسميها الأمم المتحدة بـ (الحالة بين العراق والكويت) فإن الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن أصدر (102) قراراً دولياً منها (80 ) قرار طبقاً  للفصل السابع ، وهنا نلاحظ  أهمية العراق المحورية للأمم المتحدة ومجلس الأمن, بأن يصدر مجلس الأمن كل هذه القرارات ضد العراق بحجة (تهديده للسلم والأمن الدوليين) ، في حين إن هناك حالات كثيرة وفي أماكن مختلفة من العالم شهدت وتشهد تهديداً حقيقياً للسلم والأمن الدوليين ومنها (حالة فلسطين) لم تستطع الامم المتحدة إتخاذ إجراءات مماثلة ضد إسرائيل بسبب إستخدام (الولايات المتحدة) لحق النقض (الفيتو) في نحو (80) مشروع قرار , فضلاً عن إن هناك قرار يتعلق بالعراق واسرائيل في عام (1981) وعدم تنفيذ الأمم المتحدة لقرار مجلس الأمن ذي الرقم (487/1981) الذي تضمّن وجوب تحمّل (إسرائيل) للمسؤولية الدولية نتيجة ضرب المفاعل النووي العراقي ودفع تعويضات للعراق .

‏إن الأمم المتحدة لم تقم بعملها بالشكل السليم لأن مجلس الأمن تجاوز حدود صلاحياته في موضوع إخراج العراق من الكويت والإلتزام بهذا البند أو القيد ،قوات التحالف دخلت الأراضي العراقية ودمرت البنى التحتية ، فضلاً عن إستمرار الحصار بما يقارب ( 13 ) سنة ، والخسائر الكبيرة التي تلقاها العراق خاصة في موضوع ترسيم الحدود بين العراق والكويت وهي مشكلة المشاكل العالقة إلى حد الآن ، والكثير يتصور أن هناك اتفاقية عقدت بين العراق والكويت في ترسيم الحدود , في حين لم تكن هناك اتفاقية وإنما هو قرار من مجلس الأمن وطبقا للفصل السابع يجب تنفيذه ، إذ شُكّلت لجنة  لترسيم الحدود من قبل مجلس الأمن ، وطرق حلّ نزاعات الحدود معروفة ، فيجب المفاوضات بين الطرفين أو من خلال التحكيم والقضاء الدولي ، لكن حُلّت عن طريق الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، إذ إن مجلس الأمن ليس  لديه صلاحيات قضائية بوصفه جهاز تنفيذي سياسي للأمم المتحدة ، لكنه مارس مهام قضائية من المفترض أن تمارسها محكمة العدل الدولية.

‏كذلك مجلس الأمن اعتمد على وثائق وخرائط قدمتها بريطانيا وهي طرف بالنزاع وهذه تعد خرق لما يُسمى الـ (الحيادية) في القضاء وحل التنازع القانوني بين الدول.

‏لجنة ترسيم الحدود التي شكلها مجلس الأمن  كان يرأسها فقيه في القانون الدولي (إندونيسي) قدم استقالته , لأن الخرائط  التي قدمتها بريطانيا حينها تتعلق بترسيم الحدود البرية ولي البحرية ، وقد إعترض هذا الرجل وقال ان هذه الخرائط ترسم الحدود البرية وليست البحرية ، ومن ثم جرى تعيين رئيساً جديداً للجنة من اليونان وإستكمل  ترسيم الحدود البحرية والبرية.

‏فضلاً عن ذلك ، فإن الحدود البحرية كانت في خور عبد الله وهي المشكلة قائمة الى الآن كبيرة جداً ,عند  ترسيم الحدود البحرية أعطي نصفه للكويت  فخور عبد الله صالح للملاحة ، ووفقاً لقواعد القانون الدولي فإن المياه تُقسّم إذا كانت صالحة للملاحة أو غير صالحة للملاحة بناءً على خط التالوك . وخور عبد الله هو صالح للملاحة لكن جرى تقسيمه بالوسط ولي وفقاً لخط التالوك الذي كان قريباً من خط السواحل الكويتية, وعندما جرى تقسيمه بالمنتصف فإن المياه الإقليمية الكويتية كانت صالحة للملاحة في حين إن المياه الإقليمية العراقية كانت غير صالحة للملاحة ، بمعنى إنه يجب أن تأتي الزوارق والسفن التي تريد  أن تدخل بإتجاه الموانئ العراقية الى المياه الإقليمية الكويتية في خور عبدالله  الى العراق  تطلب حق الأذن من الكويت وترفع العلم الكويتي.

‏الكويت أيضاً ، بنت ميناء (مبارك) في وسط خور عبد الله حتى تغلق المنفذ الوحيد للعراق.

في (2012 او  2014) قدمت الكويت مشروع الى سوريا وتركيا لاستثمار منطقة حول نهر دجلة . نستغرب في هذه الحالة ما هي علاقتها ؟! هي تحاول ان تضيق الخناق  من خور عبد الله.

نهر دجلة البعض يتصور انه مثل  نهر الفرات وهو ليس كنهر الفرات ينبع  من سوريا والعراق. نهر دجلة (40 او 45 ) كيلو متر يكون فرق حدودي بين سوريا و تركيا ثم بين العراق وسوريا ثم يدخل من فيشخابور . فارادت الكويت ان تستثمر منطقة وتريد ان تنشأ مزارع في الاراضي التركية ومشاريع زراعية وسدود ويقل منسوب المياه الداخل الى العراق بهذه الحالة  سيتم خنق العراق من جهة الشمال.

المحور الثالث : علاقة العراق بالأمم المتحدة بين عامي 2003 – 2022

الذي حدث في عام 2003 ، إن العراق تعرض الى الغزو والإحتلال من قبل دول ثلاث رئيسة وساعدتها دول أخرى (مساندة ومشتركة ومُحرّضة) ، ولا يستطيع أي إنسان أن يقول إنها دول تحرير . فالدول الثلاث الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا واستراليا أرسلت رسالة الى مجلس الأمن قالوا بإننا دول قائمة بالإحتلال وحتى ان الاتفاقية التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة الامريكية سنة (2011) هي غير مشروعة بالقانون الدولي .. لماذا ؟

ج/لان لا  يمكن ان تعقد اتفاقية  بين دولة قائمة بالاحتلال ودولة محتلة .

هل هو مشروع امن قانون دولي؟؟

طبعا لا

فكل الدول التي احتلت وساعدت وساندت وحطمت واشتركت بغزو واحتلال العراق سنة (2003 ) وكل النتائج التي ترتبت على الغزو حتى الان  تتحمل مسؤوليتها الدولية ، فضلاً عن إن هناك نقطة جوهرية وهي مساهمة الأمم المتحدة نفسها في تحمل المسؤولية الدولية ، لماذا؟؟

لأن مجلس الأمن والأمم المتحدة أعطت المشروعية لهذا الإحتلال أي (شرعنت) هذا الاحتلال من خلال القرارات التي صدرت بعد الإحتلال.

أيضاً ، هناك رسالة للأمين العام للأمم المتحدة الى مجلس الأمن ، إذ إن الغزو كان في (9/4 /2003) لكن نجد إن بعض الأحداث بدأت وقعت على الحدود في شهري شباط وآذار أي قبل الغزو. رسالة الأمين العام للأمم المتحدة تقول : بأن هناك طائرات مجهولة الهوية تحوم فوق المنطقة المنزوعة السلاح ( 5 كم ) داخل الكويت و(10كم) داخل العراق ، كيف هي مجهولة الهوية؟ وكيف تستطيع أن تحوم طائرات فوق منطقة فيها قوات أممية وهي منزوعة السلاح ، في حين إن العراق كان مفروضاً عليه حظراً جوياً (منطقة حظر طيران في الشمال والجنوب خط ( 36 و 32 ) ، وهذه خطوط الحظر غير موجودة في قرارات مجلس الأمن وإنما كانت نتيجة إتفاق بين الدول المحتلة للعراق ، فضلاً عن ذلك يقول (الأمين العام) في التقرير : إن هناك جرافات عسكرية وآليات عسكرية هندسية قامت بفتح تقريبا بحدود( 27) منفذ  في السواتر الترابية والأسلاك الالكترونية ,وهي آليات أمريكية وكويتية. أيضاً.. الأمين العام للأمم المتحدة سحب القوات الدولية الموجودة  في منطقة المنزوعة السلاح  في شهر آذار قبل الغزو . بمعنى إن الأمين العام للأمم المتحدة مهّد للغزو وأن  تدخل القوات الغازية الامريكية والبريطانية من هذه المنافذ الحدودية لتقع حالة الغزو وإحتلال العراق.

ممثلة الامم المتحدة تحاول ان تدعم خطة رئيس الوزراء الحالي … إن الأمم المتحدة في موضوع بناء السلام ساهمت بجزء يسير في مجال البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي مجال سياده القانون , والعراق لا يحتاج هذه الملايين بفضل الموازنات المالية السنوية الكبيرة. والعراق تحول الى نظام الإدارة الدولية بعد الغزو, بعد أن أنجز (المحتلون) المهمة بإحتلال العراق ودمروا البنى التحتية سنة (2003) أتوا  بالأمم المتحدة كغطاء حتى أصدرت قرارات الأمم المتحدة فصدر  قرار إنشاء بعثة الأمم المتحدة الـ (يونامي) بموجب القرار (1500/2003) … وقد رحب القرار بتشكيل مجلس الحكم ويقرر إنشاء بعثة الأمم المتحدة وتكون مدتها (12) شهر وتكون هذه المسألة قيد الدراسة.

عام (2022) في الشهر الخامس صدر آخر قرار مدّد ولاية يونامي في العراق الذي دعا فيه الحكومة العراقية للإصلاح ويدعو العراقيون للتحاور.

كنا نتوقع قبل تشكيل الحكومة الأخيرة أن يكون هناك تحرك دولي أو رفض بعض الدول, لكن اكتشفنا بعد تشكيل الحكومة ان هناك ترحيب من بينها الولايات المتحدة الامريكية , وبالاساس روسيا موقفها معروف،  فلا أتوقع أن يصدر قرار من الأمم المتحدة بأن يجري تحرك باتجاه معاكس للحكومة الشرعية التي تشكلت بالانتخابات وان الانتخابات جرت بشكل صحيح .. اذن الانتخابات ديمقراطية. الحكومة التي تشكلت من بين أعضاء مجلس النواب الذين انتخبهم الشعب ,مجلس النواب هو منتخب نحن مشكلتنا لا نتقبل المعارضة او حكومة الظل مثلا في بريطانيا هناك توازن بين السلطتين التشريعية و التنفيذية.

ففي العراق لسنين طويلة لم تطبق مسألة التوازن هذه من خلال حلّ البرلمان أو حجب الثقة بسبب إن الذي يشكل الحكومة هم الأغلبية الساحقة في المجلس النواب او السلطة التشريعية .

نفس الشيء في العراق  فعندما  تشكل الحكومة  حكومة ائتلافية من كل الطوائف من رؤساء الكتل او من ينوب عنهم وتمثل كل الموجودين في السلطة التشريعية. لم نرى يوما إقالة وزارات إلا عندما يحتدم التعارض والإختلاف.

يجب أن يكون هناك دعم أو فترة صبر لنعلم ماذا تفعل هذه الحكومة لكي تبدأ بالواقع العملي .. ، إذن يوجد هناك انتخابات شرعية ومجلس النواب منتخب وليس لدي علاقة بالذي خسر او فاز في الإنتخابات.

فهنا أين مهمة الأمم المتحدة في هذا الجانب في بناء السلم الأهلي المجتمعي ..علاقة العراق مع دول الجوار كيفية تحسينها هل هي ذاتية ؟ والادارة الذاتية موجودة لحد الان بالنسبة اليونامي هي جزء من الادارة الدولية الأممية ، .. علاقة العراق مع ايران . أين دور الأمم المتحدة ! ، .. العلاقة مع تركيا في موضوع المياه والأمن.

يوجد صمت  من قبل الأمم المتحدة الذي لم  تقم بتبعياتها . فانت عندما تريد  أن تحل السلام, وتأتي ممثلة الامم المتحدة و تضع لك بند ؟ كيف نعيد بناء الاستقرار والسلام في العراق. فعملية بناء السلام هي غير التجزئة .فانت حين  تأتي وتناقش من بعد (2003) من بعد الغزو لاحتلال العراق.

‏العراق دفع تعويضات بحدود (52,000,000,000) إلى كل دول العالم من ضمنها إسرائيل ، من باب أولى المطالبة بصناع القرار.

السلطة التشريعية تلزم السلطة التنفيذية (وزارة الخارجية ) بأن تحرك هذا الملف في الامم المتحدة هناك قرار صادرفي الفصل السابع ،لايمكن أن تستخدم الولايات المتحدة حق النفط حتى تلزم اسرائيل بالتعويضات .

‏القرار صدر في عام( 1981) والغريب أنه الولايات المتحدة الأمريكية لم تتخذ أي شي ضد هذا  القرار يلزم إسرائيل بتعويض العراق على هذه الخسائر  .

يجب ان يشكل صندوق للتعويضات: الخسارة المتحققة والمكاسب الفائتة  . الخسارة المتحققة اتت نتيجه لضرب المفاعل النووي والمكاسب من (1981) الى حد الان. العراق  خسر الكثير و المفروض  ان اسرائيل  هي التي تدفع عنه كل سنت .

 

موضوع المسؤولية هي مسألة كبيرة تتضمن ثلاث محاور

  • ‏المسؤولية عن الحرب بين العراق وإيران
  • المسؤولية الدولية التي تتحملها إسرائيل نتيجة ضرب المفاعل النووي العراقي
  • المسؤولية الدولية المترتبة لتجاوز مجلس الأمن لحدود صلاحياته وتدمير البنى التحتية للعراق وهدم السلام وزعزعة الإستقرار فيه.
  • المسؤولية الدولية المترتبة على الغزو والإحتلال للعراق عام 2003

العراق دفع تعويضات نتيجة (غزو الكويت) بنحو (52) مليار دولار لدول عدة منها للكويت (41) مليار وإسرائيل أيضاً ، إذن من باب أولى أن يطلب العراق من الأمم المتحدة والدول دفع التعويضات وفقاً للمحاور التي أشرنا إليها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *