الاخبار

أهداف أمريكا من الشرق الأوسط الجديد

فواز الطيب
لقد تطور مفهوم “الشرق الأوسط الجديد” في السياسة الأمريكية على مر السنين، ويمكن أن يختلف باختلاف الإدارة الأمريكية الحاكمة والظروف الإقليمية والعالمية ، والخطط من أجل شرق أوسط جديد علنية وبتهديدات وحروب واضحة المعالم من قبل أمريكا وذراعها في المنطقة اسرائيل ، بدؤها بالربيع العربي واشعال المنطقة واحتلال العراق ومن ثم اعلانهم بشكل رسمي للفوضى الخلاقة على يد وزيرة الخارجية الأمريكية غوندوليزا رايس ، وقد شاهدنا معالم تلك الفوضى في بلدان كثيرة تحت يافطات وشعارات مختلفة بداعي التخلص من انظمة دكتاتورية فوقعت بفخ الجماعات الارهابية من قبل القوى التي تريد تغيير شكل المنطقة من أجل مشاريعها ومصالحها الخاصة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يذكرنا يوميا بأنه يريد تغيير وجه الشرق الأوسط منذ اليوم الأول لحربه على غزة، وحتى قبل ذلك ، ولا يخفي الرئيس ترامب كذلك طموحه بتغييرات استراتيجية في الشرق الاوسط فقد قالها ترامب بعظمة لسانه قبل أيام إن هدف المواجهة مع إيران ليس فقط تدمير المشروع النووي الإيراني ، بل المطلوب تغيرات استراتيجية.
سوريا لم تعد سوريا القديمة وهي تنتقل من معسكر إلى آخر بمباركة رسمية وشعبية تخدم المصلحة السورية بعد عقود من الشعارات القومية ، ولبنان لم يعد لبنان الذي عرفناه على مدى عقود بعد القضاء على حزب الله ذراع إيران ، والعراق طبعاً تغير كلياً بعد الغزو الأمريكي عام ألفين وثلاثة، وربما سيأخذ شكلاً جديداً آخر قريباً ، وحتى الاردن الذي يخشى أن يكون أولى ضحايا الحرب في غزة، قد يتحول موطناً للمهجرين الفلسطينيين ، ولا ننسى ما يحدث لغزة نفسها التي صارت أثراً بعد عين، ولا يعرف سكانها إذا كانوا سيبقون فيها أو سيرحلون إلى الأردن أو مصر، وكذلك الأمر بالنسبة للضفة الغربية، أي أن القضية الفلسطينية نفسها، أم القضايا في المنطقة، يبدو أنها أصبحت في مهب الريح كقضية تجمع العرب والمسلمين .
وضع الشرق الأوسط الجديد أمريكيا هو لمواجهة النفوذ الصيني الذي بات يشكل خطراً مستداماً على العم سام ونفوذه الامبراطوري في العالم ، وليس كما يظن البعض انها فقط لهيمنة إسرائيل وتسيّدها على المنطقة ، فقد يكون هناك قوى جديدة منافسة لاسرائيل كتركيا والسعودية حلفاء أمريكا الأقوياء اليوم في المنطقة .
وبالمجمل تهدف أمريكا من الشرق الأوسط الجديد ، أستقرار الأمن ، والحد من انتشار الأسلحة ، وخاصة الأسلحة النووية في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على البرنامج النووي الإيراني ، واستقرار إمدادات الطاقة ، وحرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية مثل مضيق هرمز، وضبط ايقاع وتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، بهدف تعزيز السلام والتعاون الإقليمي ، والحفاظ على شراكات قوية مع دول الخليج لضمان الاستقرار الإقليمي ومواجهة التهديدات المشتركة، بما في ذلك النفوذ الإيراني، وبالتأكيد كل ذلك لتعزيز مكانتها في المنطقة وتقويض دور المنافسين الخارجيين ، الصين وروسيا.
الشكل النهائي للشرق الأوسط الجديد غير واضح بالكامل ، فالوضع بشكل عام مازال سائلاً، وقد نشهد الكثير من الأحداث القادمة حتى تكتمل صورة المشهد للشرق الجديد .

إرسال التعليق

النشاطات