جدلية الادارة و الحكم
ظافر ال عيسى / إستشاري – ادارة التغيير وتقويم الاداء.
(الحلقة الثالثة من ثلاث)كلا لفتنة الإدراك والمدارك
الى اين وصلنا والى اين نحن متجهين ؟هل هو الحظ العاثر ام القصور المتعمد في تكرار الخطأ، بأن يكون معظم حكام العراق منذ سقوط الدولة العثمانية متوارثين الپسطال والبيرية يفقهون سياقات الإدارة العسكرية وينظرون بفوقية ووصاية لادارة الدولة بهيمنه عسكرية على المدنية. فجائنا جهبذ امريكي وحلّ المؤسسة العسكرية وهيكلتها وقيادتها، وبكل قصور في قراءة الماضي ودروسه وعبره واستقراء المستقبل وعواقبه، واستعاض عنهم من ركبوا مطية السياسة ومن ركبوا مطية الدين.ثم ومنذ عام 2004 وحتى اليوم، أُبتلي العراق بحفنة من رجال تكالبوا على الحكم حصراً، وهم لاينتمون عقائدياً وعلمياً وعملياً ولا باي صلة لادارة الدولة. مشتركاتهم هو حسن الخطابة والمناورة في الوعود وجمعتهم سنين الضنك والحرمان والمظلومية، واستغفلوا الناس ( قاصدين او غير قاصدين) بأنهم رجعوا لوطنهم و بجعبتهم ما اقتبسوه معرفةً من الغرب أو الشرق سداداً لاستحقاق الوطن. بينما الكثير منهم كان من العاطلين عن العمل والمستفيدين من المعونات الاجتماعية وممن لا يمارسون اي عمل ناهيك عن اعمال تخص ادارة الدولة.فمنهم إثنان من الأطباء، قيل لي بان اياً منهما لم يتعامل او يُدير في حياته الا المرضى، ، ، ، ثم تسنم ادارة الدولة متخصص في تدريس اللغة وأبلغوني أنه لم يدير في حياته الا طلاب المدارس، ، ، ، ثم ما ان جائنا مهندس وله خبره في الخدمة العامة حتى أُفرج له عن مسلسل داعش مع الدبلجه. بينما قضى (التهرب من تحمل مسؤولية الفشل العام)، على آخر من أتوا به بعد ان تخلوا عنه بحجة مطلب الجماهير. ناهيك عن الخط الثاني من طبقة الوزراء والمستشارين ووعاظ البلاط فحدث ولا حرج في قصورهم وفسادهم الا من رحِم ربي.وما زاد الطين بِلّه، فبعد ان تمادوا في فشل العملية السياسية و في تقديم اي انجاز خدمي ملموس ينال رضى الجمهور، جاء جموع الناس من مختلف الاختصاصات والمهن العالِم والجاهِل والبائع والشاري والطبيب، والصيدلي والمعماري والمهندس والزراعي … إلى سائق التُكتُك.. الخ وكلهم عندي خير البشر محترمون، وصعدوا منابر الحرية في التعبير ووسائطها الاجتماعية وبدأ الكل يتكلم من خلال هجاء السياسة والساسة وفسادهم وإفسادهم وبدأ يفتي في كيفية تصحيح وتقويم إدارة الدولة من وجهة نظره، وما يجب وما لا يجب، بل وتقييم الأداء العام والخاص. ومنذ تشرين الماضي، اتفق الجميع على ما يجب واختلفوا في كيف يتم ذلك، اختلفت الآراء وأحتقن الأخوة والأزواج والأصدقاء ومن يعرف ومن لا يعرف فيما بينهم في شكل ومضمون الإصلاح الاداري للدولة، وثم تربع الكثير على منابر وسائط التواصل الاجتماعي وصاروا يوجهون ويرتأون فيما ينفع ومما يضر العباد. وانتشرت نظريات المؤامرة والطعن والنميمة والتشكيك. وما يزيد البلاء سكوت الكثير ممن يدعوا حب العراق والعراقيين.لا تضنوا أني بذلك أسلبُ الناس حقهم وحريتهم في التعبير والحديث، ولكني احاول ان احول دون تدهور الأمور واحتقانها.ما أعظم هذه الفتنة التي وقعنا فيها!! فتنة الإدراك والمدارك.انها اشدُ وطأً من فتنة المذاهب، او فتنة خلق القرآن او حتى فتنة الحاكمية او حتى الفتنة الكبرى.وبينما يزداد الاصرار على التغيير الشامل للطغمة الفاسدة، واقتربت نتائج التغيير في انتخاب الحكومه، راح البعض ليخرج علينا بالشروط والمواصفات لأسلوب إدارة الدولة أو لقائد المرحلة القادمة، ومواصفاته ومنها ما هو اقرب للمعصومين والأنبياء في زهدهم، ومنها ما هو اقرب لقيس وروميو في الحب (حب الوطن)، ومنها ماهو اقرب لعنترة بن شداد في الشجاعة، ولعلي بن ابي طالب (ع) في البلاغة، ولعمر بن الخطاب(ر) في العدل، ولحاتم في الكرم،،، الخ. وكل هذه الصفات لا تقبل القياس، وهي صفات مواقف وبصمات في التاريخ مرت كظواهر فرديه دون تكرار ولا أحد يعلم هل فيها شيءٌ من المبالغة!!!فجاء آخرون وهندسوا بعض مواصفاته بأن يكون – مستقلاً، لا حزبياً ولا دينياً، و- جامعياً أكاديمياً او بحثياً- تخصصياً ماجستير او دكتوراه، و- متظاهراً ثائراً ومتفاعلاً، و- عراقياً لا مزدوجاً عربياً ولا اجنبياً، – وغيرها … وغيرهاثم أُضيفت مقاييس لفلترةٍ وإقصاءٍ أخرى ما انزل الله بها من سلطان ولا اعرف جدواها في ضمان حُسن الاختيار وحسن النتائج.ما هذه الفتنة ! واين سنجد هذا القائد؟ومن اي رحم يولد؟وفي اي ارضٍ ترعرع ونهل علمه وتربيته؟وماذا سنفعل ان لم نجده؟ومن اين سنجد او هو يجد طاقماً وزارياً قريباً لمواصفاته؟اخواني وأحبتي، فلنحتكم عند عُقلاء القوم الذي ترتأون، أجيركم واستحلفكم بالله ان توقفوا فتنة الإدراك والمدارك، فوالله سيصعب علينا ان نجد هذا المخلوق الذي يحظى بكل او اغلب هذه الصفات ولا تنتظروا مَقدمهُ لا في العراق ولا غيرها، لا غدٍ ولا بعد غد.ان كنا نريد ان نبدأ عهدا جديدا في عراق ٍمبنيٌ على مرتكزات علمية صحيحة، فعلينا الاستفادة من تجارب من سبقنا نجاحاً في ادارة الدولة وخرج ببلاده من حروب واختناقات اقسى مما عصف بالعراق. الموضوع يا اخوتي ابسط بكثير من حصر التفكير بمواصفات قائد اقرب للمعصومية منها للبشرية.تمسكوا فوراً بالتفكير الجاد بتغيير بوصلتكم الادراكية والانتخابية.وبما اننا نريد حكومة من رئيس وزراء ووزراء من خارج منظومة الفساد الجاثمة على صدور العراقيين منذ 2004 ، فإن هذا المنصب يحتاج إلى متمرس (علما) & (فنا) وخبرة تطبيقية في ادارة الدولة وان يكون مشهوداً له بالنزاهة وفنون القيادة التنفيذية بخلفية متخصصة بهذا الامر . وان يحاط بفريق يناظره في لغة الاداء.واحدى اهم عوامل هذا النجاح هو الإيمان المطلق والصميمي بان قيادة ادارة الدولة تنبع من رحم أحد علوم الادارة والاقتصاد والقانون تكاملاً مع اي تخصص آخر (ان وجد)، بينما تكون هرمونات نموه ما هو معقول من – (العلم) و – (فنون القيادة الادارية) و – (الحكمة) و- (التوازن) وفوق كل ذلك- (الرحمة والعدالة).أخيراً و تكراراً، “نريد قائداً (رئيسا للوزراء و/او للدولة) يتعهد لنا وللعالم من حولنا بإنجازات قابلة للقياس ومحددةٌ بزمن. وان يوثق ذلك مكتوبًا للعلن ويودعه جهراً في الإعلام ويظهر شهريا ليرينا ما فعل مقارنةً بما وعد”.اللهم اني بلغت، فأشهد#مركز_نون#دراسات_استراتيجية