جدلية الادارة و الحكمظافر ال عيسى / إستشاري – ادارة التغيير وتقويم الاداء. (الحلقة الثانية من ثلاثة)كلا لرجال الدين.. كلا لرجال لعسكر—————————رحم الله الشاعر الكبير نزار قباني”كَثُرَ الحديث عن التي اهواها”

ومن باب الاستعارة، فقد كثر الحديث عن الذي نهواه قائداً قادماً (رئيسا للوزراء او للدولة). وقد تداول البعض دعواهم أو تأييدهم وعدم اعتراضهم لتسليم إدارة الدولة لمن امتهن اما:-الدين علما وتطبيقا، و/او لمن -امتهن العلوم العسكرية علما وتطبيقا.ولست ابدا ممن يبخسوا الناس اشيائهم، بل بالعكس فأنا اقدس عطاء الاخرين في مجال تخصصهم على ان لا ينسوا او يتناسوا فيتوسعوا خارج اختصاصاتهم بمساحات واسعة مثل إدارة الدولة بكامل قطاعاتها.في نظرتي للأمور، ولك كل الخيار ان تختار موقفاً يناسب قناعاتك ومداركك.لست ضد رجل الدين بالمطلق، بل انا اريد من رجل الدين، ان يثري ويتبنى ترسيخ مفهوم “المنظومة القيمية الخَلْقية” عندي، اي القيم التي تنظّم صفات الانسان وسلوكه وغرائزه في معاملاته اولاً وعباداته ثانياً، فمن رجل الدين كقدوة في (قوله وفعله) أنبذُ الحسد، ومن رجل الدين كقدوة في (قوله وفعله) أتواضعُ لوالديَّ رحمةً، واحترم شريك حياتي ولا اتكبر وغيره الكثير.. ولِمَ لا؟ إذ أن مثل هذه القيم الاجتماعية بمشاكلها وحسناتها لا يحاسب عليها او يعالجها لا دستور ولا كل القوانين المدنية للدول ولو اجتمعت في كتاب واحد.وكذلك لست ضد رجل العسكرة بالمطلق، بل أنا ايضاً اريد من رجل المؤسسة العسكرية “منظومة السيادة والامن والامان”، فمن العسكري كقدوة في (قوله وفعله)، اتبنى رفض المساس بسيادة وطني واعتزُ بمواطنتي واذود عنه بالدم والمال والحلال، ومن العسكري كقدوة في (قوله وفعله) اتعلم احترام القانون وانضبط في معاملاتي خوفاً من العقاب الدنيوي.وللأسباب التالي شرحها كأمثلة وغيرها الكثير، انا ارفض ان أُسلم قيادة ادارة بلدي إلى رجل (الدين) و رجل (العسكرة) (فرادى او مجتمعين)، كون كلٌ منهما تحكمه سياقات ادارية دفوعها ودوافعها تختلف جذرياً عن سياقات ادارة الدولة المدنية. وسأعطي توضيحي لذلك فيما يلي من امثلة:-١- في باب العقوبات وتحت مظلة الدين، بعض العقوبات غيبيه التطبيق ( أي في الآخره)، بينما تُرك باب المغفرة مفتوحاً. وتحت مظلة العسكره، الكثير من العقوبات تتوسع وتقع على الأبرياء كما في ضحايا الحروب وقنبلة هيروشيما ممن لا ناقة لهم بها ولا جمل. بينما في سياقات ادارة الدولة المدنيه هذان السياقان غير مقبولان جملةً وتفصيلاً.٢- وفي باب تملُّك الموجودات الثابتة (الاصول)، تحت مظلة الدين، يكون من الإيمان ان ملك هذه الأصول لله وما نحن البشر إلى مؤتمنين عليها ونتداولها تجارةً أو توريثاً. وتحت مظلة العسكرة، كل ما هو موجود ثابت من معدات عسكرية هو أصلٌ غير مُنتج حتى تأتي حاجته، فإقتناء الدبابات والطائرات المقاتلة هي أما للردع المعنوي أو للجاهزية اذا احتجتها للدفاع عن البلد او الهجوم على غيره ليس الا. وهكذا يأكل الصدأ والتقادم والحرق مليارات الدولارات بانتظار ما لا يُحمدُ عقباه (الا وهو الحرب دفاعاً ام هجوماً).اما في سياقات ادارة الدوله المدنيه فان اقتناء الموجود الثابت (كالحفارة) و (الطائرة المدنية) هي اما لخدمة مباشرة، او لاستثمار في انجاز مشروعات متتالية تعود بالعوائد الملموسة المباشرة للمجتمع.٣- وفي باب الربا (الفوائد)، تحت مظلة الدين واضحٌ سياق تحريم الربا (الفوائد)، ولا اعلم كيف تُبرَرْ فوائد الإقراض والاقتراض الذي تقوم به الدولة التي تتبنى الإسلام مصدراً للتشريع. وتحت مظلة العسكرة، لا يعنينا سقوف الفائدة مهما ارتفعت فالاهم فوق كل سياق هو اقتناء ادوات النصر وإدعاء حماية الوطن وأمنه.اما في سياقات الإدارة المدنية للدولة فتجلس اللجان والمختصين ليناقشوا ويتبحروا في أعشار العُشر من ال ١٪؜ والبدائل الأفضل وتكلفة إقراض أو اقتراض اي مبلغ حتى يطمأن كل الفُرقاء على تعظيم النتائج.بإختصار فإن اهم الاسبقيات في سياقات ادارة الدولة المدنية هي “التنمية”، ولأجلها تُسخر كل القدرات والمقدرات لصناعة الغد الافضل للانسان في حياته. وليس اهم اسبقياتها هو “الدفاع” الفعلي او الافتعالي عن حياته وكذلك ليس اهم أسبقياتها “الدخول للجنة” بأقل مُسائلة فيما بعد حياته.إذاً، لإدارة الدولة سياقات تستوجب العمل بها ومن خلالها لخدمة الشعب. ولا مكان للغة (الحرام والحلال) ولا للغة (نفذ ثم ناقش) محل في لغة ادارة الدولة مدنياً.وعلينا جميعاً ان نبحث ونبحث ونبحث حتى نجد قائداً (رئيسا للوزراء او للدولة) يدير الدولة بلغة سيادة القانون ولغة ضوابط السياسات والإجراءات ولغة العائد المتحقق على النفقة او الاستثمار ، ولغة تنمية الانسان وان يردد هذا القائد ويسبح في هذا الفُلك من الكلام مع نفسه ومع كل من حوله في كل حواراته وفي عباداته وفي دفاعه عن وطنه. والادهى والاصعب ان نجد ايضاً معه ثلاثون آخرون ممن يُناضروه ويعملوا معه كوزراء وبطانة حكم. إذ لا يمكن ان نحتار في اختياره ونتركه فريسة الاحزاب يملون عليه محاصصاتهم وقرفهم.يجب ان نبحث، نصنع او نصطنع ولو تدرجاً قائداً (رئيسا للوزراء او للدولة) وفريقٌ له ممن – يحمل صفات التوازن والاتزان في موضوعيته وحكمته، وان – يحتضن الجميع بعدالته الاجتماعية وتكافوء فرصهم، وان – يحب الخير لكل إبناء وطنه كما يحبها لنفسه.نريد قائداً (رئيسا للوزراء او للدولة) وفريقٌ له يتعهد لنا وللعالم من حولنا بإنجازات قابلة للقياس ومحددةٌ بزمن. وان يوثق ذلك مكتوبًا للعلن ويودعه جهراً في الإعلام ويظهر شهريا ليرينا ما فعل مقارنةً بما وعد. بينما نحن الشعب نشاهده ونطرب آذاننا وحياتنا بقيصر الغناء في “كثر الحديث عن التي اهواها”هكذا نكون قد أحسنا الاختيار ونطمئن على مستقبل أطفالنا.فإن لم نجده بيننا الان فعلينا صناعته، وصناعة جيش من القادة الإداريين خلال عام من التدريس والتدريب المكثف في الداخل والخارج. راجع مقالتي السابقة (التغيير نحو الغد الأفضل- صناعة الحاضنة القيادية).ولتقف عقارب الساعة في العراق، وليبقى تصريف الاعمال معلقاً وليبقى ثوار التغيير مرابطين في معاقلهم فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. ولن يكون الحال اسوء مما نحن عليه.وحالنا كما وصفه المتنبيبمَ التعللُ لا أهلٌ ولا وطنُ” ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُأريدُ من زمني ذا أن يُبلّغُني ” ما ليس يَبلغهُ من نفسهِ الزمنُأعيدوا توجيه البوصلة، نحو الإدارة فهي مرتكز النجاح وهي مرتكز الفشل مهما – عظُمت موارد العراق اقتصاداً، ومهما – استتب أمنهُ عسكرةً أو مهما – زاد عدد أولياءهُ ومؤمنيه ديناً وعبادةً. فلا تضيعوا وقتكم و أحلامكم بالتجربة والخطأ في قيادة الدولة وادارتها الا مدنياً ودون اي إقصاء. ترقبوا غداً الحلقة الثالثه.اللهم اني بلغت، فأشهد#مركز_نون#دراسات_استراتيجية

١٠١٠مشاركة واحدةأعجبنيتعليقمشاركة