الامم المتحدة ودورها في النظام السياسي العراقي

ا.م.د: احمد طارق ياسين
كلية العلوم السياسية/ جامعة الموصل

تتمتع البعثة الأممية يونامي بدور واسع وكبير في العراق وفق قرار مجلس الأمن الدولي بالرقم (2631)، إذ نص على إعطاء الأولوية لتقديم المشورة والمساعدة للعراق -حكومة وشعبا- بشأن تعزيز الحوار السياسي والمصالحة على المستوى الوطني، وعلى صعيد المجتمعات المحلية، فضلا عن تقديم مزيد من الدعم والمشورة للحكومة العراقية وللمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومؤسسات العراق الأخرى، في الجهود المبذولة لتعزيز الأعمال التحضيرية للانتخابات. كما أضاف نص القرار على تقديم البعثة الأممية المشورة والمساعدة للحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي، بشأن ضرورة مراجعة الدستور وتسوية الحدود المتنازع عليها داخليا، وإصلاح قطاع الأمن وتيسير الحوار والتعاون الإقليميين، بما في ذلك بشأن قضايا أمن الحدود والطاقة والتجارة والبيئة والمياه وبناء القدرة على الصمود والبنية التحتية والصحة العامة واللاجئين والآثار السلبية لتغير المناخ وحقوق المرأة والمساواة.

 

 

ويبدو من خلال نص قرار مجلس الأمن الدولي أن للبعثة الأممية سندا قانونيا في لعب دور في الوضع السياسي بالعراق. بصورة عامه، فان البعثات الأممية تشكل في الدول بناء على طلبها، ولا سيما الدول التي تحتاج لمساعدة الأمم المتحدة في مختلف المجالات، أو في حال أن هذه الدول تعاني من مشكلات كبيرة واضطرابات، وهو ما حدث في العراق، حيث إن بعثة يونامي تأسست بادئ الأمر دون أن يطلب العراق ذلك عام 2003، إذ لم تكن له حكومة شرعية منتخبة، ومنذ ذلك الحين استمر تجديد مجلس الأمن للبعثة الأممية بناء على طلب الحكومات العراقية المتعاقبة.

وأما عن الدور السياسي الذي تلعبه بعثة يونامي التي تمثلها الدبلوماسية هينيس بلاسخارت، أنه منذ التظاهرات الشعبية في العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، برز دور البعثة الأممية من خلال تكثيفها النشاط السياسي واللقاءات مع مختلف الكتل السياسية حتى الأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة، انطلاقا من الولاية القانونية للبعثة في الانخراط ضمن الحوار السياسي في البلاد.

ومما زاد من تدخل البعثة الأممية في الشأن السياسي الانسداد السياسي والدستوري وتفسيرات المحكمة الاتحادية للدستور التي لا تتوافق مع قناعات بعض الأحزاب السياسية في ظل تعثر تشكيل الحكومة. ومن ثم فإنه وفي ظل عدم وجود قرار ملزم من مجلس الأمن باتخاذ الحكومة والأحزاب السياسية سلوكا معينا، فإن عمل البعثة الأممية يندرج ضمن بند تقديم المشورة والعمل وسيطا، لافتا إلى أن جميع الاتهامات التي تعرضت لها البعثة لا تحظى بأساس قانوني على اعتبار أن العراق هو الذي طالب بتجديد مهمتها في البلاد.

وفي السياق ذاته أن البعثات الأممية عادة ما تنشأ في الدول التي تشهد اضطرابات سياسية وأمنية، وأن دورها الآن في العراق أشبه ما يكون بـ “الوصاية الدولية”، ولا سيما بعد خروج العراق من طائلة البند السابع لميثاق الأمم المتحدة.

الخلاصة أن تدخل البعثة الأممية في الشأن السياسي يخالف ميثاق الأمم المتحدة في المواد “أولا وثانيا وثالثا” التي تنصّ صراحة على سيادة الدول واستقلالها وعدم تدخل أي كان في الشأن السياسي الداخلي للدول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *